الكلاسيكو بين برشلونة، ومدريد، التاريخ، والدوافع..

#الكلاسيكو ليست مجرد مباراة ونقاط ومتعة عابرة تنتهي بمجرد صافرة لحكم، هي صراع وجودي وسياسي بدوافع طبقية سلطوية متلاحقة، اليمين المتطرف في مواجهة اليسار المنفتح، الشعب بينما يواجه البرجوازيين والملكيين ومطارق الثروة والسلطة..

في العام 1939 إنتصر الجنرال فرانكو في الحرب الأسبانية الكاتلونية، بعد أربع سنوات من حربه ضد شعب كاتالونيا الطامح للتحرر والإستقلال من حكم الملكية الأسبانية، أحكم فرانكو قبضته الحديدية على أسبانيا وكاتالونيا معًا وبدأ سباق تنافسه مع الجماهير الرافضة له للقضاء على إرتباطهم العميق بفكرة برشلونة الرمزية، النادي العريق والأكثر في شعبية وحضورًا وإمتاع، ساعيًا أيضًا لتبييض الصورة المرسومة عنه بالدم والاف القتلى والضحايا والمشردين..

في ذروة تلك الجماهيرية الشعبية المرتبطة بالرغبات السياسية بكاتالونيا أسس الجنرال فرانكو ناديً ريال مدريد، كمنافس وحيد لشعبية البارسا ورمزيته في نظر الجماهير، محاولًا العودة للواجهة المدنية برداء الرياضة والتنافس الأوروبي، ذات مرة وتحديدًا في العام 1953 تعاقد البارسا مع اللاعب الأرجنتيني ألفريدو دي ستيفانو، للعب ضمن برشلون لعشر سنوات، الاّ أن فرانكو حال دون الصفقة بطريقة خسيسة، أصدر قانونًا يمنع التعاقد مع اللاعبين الأجانب، وفي ذات التوقيت ذهب يتفاوض مع ستيفانو من خلف الكواليس واشترى اللاعب وتصدر به الكثير من المناسبات الرياضية في أسبانيا وأوروبا بعد عشرات الهزائم المدوية لفريقه منذ التأسيس، وفي العام 2000 أغرى النادي الملكي البرتغالي لويس فيغو بصفقة خسيسة للحاق بصفوفه مقابل قيمة باهظة الثمن، وهكذا حقق ويحقق الملكيون بطولاتهم ونجاحاتهم الرياضية القديمة والحالية، وذات مرة قديمة وتحديدًا في العام 1943 فاز البارسا بثلاثية نظيفة على الريال في مباراة الذهاب بنهائي كأس أسبانيا، بعدها هدد فرانكو اللاعبين الكاتلونيبن وتوعدهم وهددهم قبل مباراة الإياب التي فاز فيها فرانكو بـ أحد عشر هدفًا مقابل واحد للبارسا، كانت المباراة بمثابة العار الملكي الطويل جدًا جدًا، يومها رفض الإتحاد الدولي لكرة القدم إعتماد النتيجة ولازال العار ظاهرًا في مكانه حتى اليوم..!

شخصيًا أنا أحد عشاق البارشا ورمزبته السياسية، وعدوًا صريحًا لفكرة الريال الديكتاتورية المادية والماكرة بشتى صورها، وفي واقع الأمر، هناك إرتباط وثيق بين أفكار وقناعات من نوع ما بنوعية الفريق الذي كل واحد منا، شكل يعكس ميولك السياسي والإجتماعي والسلطوي..!

برشلونة في شعاره المعروف ومنذ مائة سنة من الصوت الواحد في الترديد، يقولون "ليس مجرد نادٍ"، وهذا بْعده الحصري عن تلقائية الحب والميول فقط، وفي الحقيقة برشلونة فكرة تشكلت في أساسها بدوافع التحرر والإستقلال والجماهير الرافضة لفرانكو والعسكر والإنقلابات العسكرية والطغيان السياسي بشتى أشكاله، برشلونة ومنذ بداياته كان يمثل طبقة الحالمين بالوطن الواحد، والمستقبل الرافض للديكتاتوريات السلطوية، كان فكرة مقاومة لحالة التسلط والإستعباد والقتل والدمار والخبث السياسي، فكرة تقاوم الملكيين والتجهيليين وكل العابثين بمصائر البلدان وحاضرها..
هذا برشلونة وفكرة الجماهير والشعبوية والفكرة والإرادة والمقاومة..
وهكذا يقولون له حتى الأبد "ليس مجرد نادٍ".

في المقابل، ريال مدريد يوم خلق ويوم كان، لم يتجاوز كونه مجرد كرت سياسي لطاغوت سياسي سعى للقضاء على فكرة برشلونة والجماهير والعشق والتحرر والمقاومة، فكرة الثورة السلمية والرغبة الجامحة نحو الإستقلال، ريال مدريد لم يكن ولم يصبح فكرة أو مشروع، كان ولا زال كرتًا سياسيًا منافسًا لـ إرادات الناس والشعوب، مشروعًا تسلطيًا مخادعًا وبلا أخلاق أو قيم، مشروع يجمع في كفتيه أشخاصًا ماديين تسلطيين وأبواقًا عن السلطة الزاحفة لواجهة الصورة المرسومة بالخداع والمكر، هذا المشروع يفقد توهجه مع الزمن، ويتلاشى كلما زاد حضور الراسماليين في واجهة الملاعب الأوروبية، وهاهو اليوم محصور بمشجعين لا يعرفون شيئًا عن تاريخ ناديهم المليء بعقود من الطغيان والتسلط و الخداع..!

ماجد زايد

تعليقات