"فهلوة الخيانة اليمنية"

وفقًا لمعايير شخصية، كان متمترسًا مع الحـ وثيين، في مواجهة الإصلاحيين، وقدم معهم أحد أبناءه وفلذات أكباده، ودعاهم لتدمير ممتلكات الوطن في الضفة اليمنية الأخرى، وحينما تغيرت المعطيات الشخصية لديه، تمترس مع الإصلاحيين لمواجهة الحـ وثيين، وقدم معهم إبنًا أخر بمعركة أخرى، ودعى وبرر ضرورة تدمير ممتلكات الوطن في مناطقهم اليمنية، هذا ليس مؤدلجًّا على أيه حال، أعترف بهذا، لكنه أخطر بكثير من كونه شخصًا مؤدلجًا وعقائديًا مظلومًا، هذا نافثًا للنار والدمار والفتنة، مع أي طرف يشتري غريزته المؤقتة، بلا ثوابت ومعايير عامة ووطنية، فقط نزولًا عند مصلحته المؤقتة وإحتياجاته الشخصية، ولأجلها يكون على إستعداد تام لنسف البلد وممتلكاته وبنيته الحالية والتاريخية، ليرضي بذلك قناعته الآنية وشعوره الإضطراري بالإنتقام من خصمه..

مصفوفة "أحكامه القيمية والوطنية" التي يطلقها على القضايا المختلفة، أو طريقة نظرته ومواقفه العقلية لكافة الأمور تعتمد على إرادة من يدفع له بذات اللحظة، هذه المصلحة والقناعة تنطلق منها -اعتقاداته الراسخة غير القابلة للنقاش والنقد والإعتراض، كونها صارت مسلّمات بالنسبة إليه-، الحقيقة الصادمة أن جميع هؤلاء أنفسهم ظلوا طويلًا يشتكون من نظرية “المؤامره” المزعومة عليهم، لكنهم إنزلقوا قسرًا او طوعًا أو تضليلًا الى مربع ”خيانة الوطن والشعب ومقدراته المؤسسية والمادية” وتماهوا مع استراتيجية تبرير وتمرير كل أشكال وأنواع التدمير العلني لمدخراته ومكتسباته، محاولين في ذات الوقت ترسيخها كثقافة جماهيرية جماعية تروج لها وسائل إعلامهم ومكائنهن الهائلة.

التماهي والتبرير والقبول بقصف الممتلكات الوطنية العامة والشعبية والمؤسسات الخدمية والمدنية بغرض سياسي وإنتقامي دون إدانة واضحة لإستهدافاتها الممنهجة من قبل الطيران الحربي، لهي حالة إستثنائية ورخيصة وخيانة واضحة يستغربها العقل اليمني والعربي والعالمي، ففي الوقت الذي تجد فيه الأبواق اليمنية تبرر دوافع ومسببات القصف المكرس للبنية التحتية اليمنية، تجد أصوات غير يمنية وغير عربية تدين هذه الأفعال والجرائم، وتصفها بالعدوانية والإجرامية، وتطلق عليها عدوانًا عبثيًا ومتعمدًا يستهدف بنية الشعب والوطن والأجيال، مستغربةً في ذات الوقت من أصوات المتنازلين عن إرث وطنهم وممتلكاته وكيانه الحضاري والتاريخي، في عملية غريبة يقف عندها العقل والمنطق والفكر الإنساني بشكل خاص، فالإنسان المتنازل عن ممتلكات وطنه وشعبه، بناءً على مواقفه الشخصية ومصالحه المؤقتة وأوضاعه السياسية يعتبر خائنًا للوطن والشعب والإجيال والإنسان، ومرتزقًا متماهيًا مع فكرة نسف الوطن من جذوره، وهذا وفقًا للسياسة ومعاييرها يحدث لأسباب تتعلق بالتطرف والمغالاة في الطموح الفردي المحرك للخيانة، كنتيجة عن التعطش المفرط للسلطة، -أيا كانت-، والرغبة الملحة في الظهور والتصدر، أو التسلق في السلم السياسي والسلطوي والتنظيم المناوئ، وأحيانًا لمجرد الإنتقام أو رد الإعتبار الناجم عن السقوط في هوس الهزيمة، أو بغرض الربح العاجل والفوز السياسي الآجل، والسعي وراء النفوذ وسطوة المال المبني على المواقف المعلنة.

خونة الأوطان والمتنازلين عن مملكاته حتى وإن كانوا أشخاصًا طامحين وأذكياء ومتمرسين، الاّ أنهم سينيكيون ومغفلون: يخطؤون التقدير والحسابات، ويدَعون التعبقر والفهلوة والشطارة، ويؤمنون بقدراتهم الخارقة في تمكنهم من حرفنة التموضع والتموقع والاستراتيجية، إلا انهم يخسرون ذواتهم وذويهم وشعوبهم، ويرمى بهم أخيرًا في مزبلات التاريخ وجوانبه الوضيعة، بسبب غباوة وضع النقاط العامة في غير أماكنها الثابتة، حتى وإن برروا مواقفهم لأغراض إنسانية ونماذج مشابهة، كقصف خصومهم لأماكن مشابهة في مأرب وعدن وتعز وتدمير بنى تحتية مقابلة، لكنهم وآن أجادوا إستغلالها لا تشرعن إطلاقًا فكرة مواقفهم المتواطئة مع تدمير الوطن والمستقبل مالم يدينونها بنفس التوازي والرفض المعلن بالمجمل..

أخيرً،
مصير معرفة أي إنسان ومواقفة مربوطة بثوابته ومسلّماته التي ينطلق منها في تفكيره وعقلنته للأمور، ولا يوجدُ إنسانٌ مفكّر مهما علا في معرفته إلا وله ثوابت ومسلّمات، فمَن منا يستطيع أن يزعم بأنه غير مؤدلج؟! ولكن ثوابت التمصلح ومواقف الرغبات الشخضية المؤقتة الداعية والراضية بنسف الوطن وممتلكاته تسمى خيانة عامة بالمجمل، وهي نهاية أفقها سيء وشرها لا ينسى، وعاقبتها دمار عام على المستوى الوطني والشعبي والشخصي، وهذا ما لا يمكننا القبول به، أبدًا وإطلاقًا وتكرارًا.

ماجد زايد

تعليقات