بائع الإيسكريم فتىً لم يبلغ الثامنة عشر من عمره، يأتي كل يوم في ذات التوقيت وبذات السعادة المتجول، يتنقل بحارات صنعاء مع عربيته الصغيرة وأغانيه اللذيذة، أغاني الأطفال وموسيقاها التي يحفظها الصغار والكبار، كأنه بابا نويل في إنتظار الأطفال لمروره أمام بيوتهم، حين يصل يتسابق المنتظرون الصغار نحوه، يحتشدون في حضرته، يمدون أيديهم، ويرفعون رؤوسهم، ويسلمونه ما يملكونه من مال، وأخرين منهم لا يملكون شيئًا في أيديهم لكنهم يشاركون ويزاحمون في الإحتشاد وينتظرون نصيبهم، مع إبتسامته وضحكته كأنما يستمتع بتوزيع بضاعته، يعطيهم ما يريدونه من الأيسكريم بحسب طلباتهم وأموالهم، وبقية الصغار بجوارهم لا يملكون ريالًا واحدًا لكنهم يطلبون أيسكريم ويمدون أيديهم، هكذا أتامله معظم الأيام، لا يردهم، ولا يتجاهلهم، يعطي بعضهم أيسكريم منه، دون أن يكسرهم، وبعضهم يعطيهم على سبيل الدين، ويطلب منهم إحضار الثمن في اليوم التالي، وهكذا في أغلب الأيام..
بائع الأيسكريم في حياة الأطفال حالة بديعة من الشغف والإنتظار والموسيقى اللذيذة، وأيامهم لا تكتمل أذا لم يمر من أمامهم، وأحيانًا ينتظرونه حتى مغيب الشمس، ثم ينصرفون مصدومين بعدم قدومه..
الأرباح التي يجنيها الفتى بائع الأيسكريم بعربيته الصغيرة ليست كبيرة، لكنها سعادة تتجول وتنتشر في الحارات، سعادة وطقوس روتينية تملأ الأرجاء بالدفء والكمال.. هؤلاء المتجولين في الحارات من أجمل مناظر المدن اليمنية، ومن أشرف الكادحين في شوارع المدن اليمنية، ومن أعظم المنتظرين والقادمين مع السعادة المجانية في حياة الصغار..
ماجد
تعليقات
إرسال تعليق