أستمع الى المطر في هذه الأثناء، وأتنفس هواءه ونفحاته الغزيرة، ولكنني أقكر بقضية بعيدة جدًا عن هذه اللحظات والأوقات، عن التجمع اليمني للإصلاح في محافظة شبوة، عن غرابة القدر والأقدار ومستجدات ما يحدث هناك، عن القوات والتشكيلات العسكرية التي حررت شبوة من سيطرة قوات صنعاء، بينما تقوم اليوم بتحرير ذات المدينة من قوات التجمع اليمني للإصلاح، شريكها وحليفها وسلطتها السابقة، أيّ قدر ينتظر تجمع الإصلاح في عهدهم الأخير؟ لا أحد يدري! ولكني أتساءل بحسرة وغرابة وشفقة: هل يدرك التجمع اليمني الإصلاح حقيقة ما يدور عليه، في مختلف المناطق اليمنية، وبكل المدن البعيدة والقريبة، التجمع المنسي من اهتمامات اليمنيين ككل، ومن عبء التفكير به، أو البكاء عليه، التجمع الذي بقي اليوم يصارع للبقاء، وحيدًا، شريدًا، مرفوضًا، وبلا أي حاضنة تريده أو تتمنى بقاءه.
تجمع الإصلاح بهذه الأونة لا يستطيع الصمود أكثر، الخيبة العامة تنخر في نتائجه المجتمعية والشعبوية على المستوى العام للوطن، لم يعد للإصلاح أي حضور حقيقي في التنوع السياسي للمجتمع اليمني كـ منظومة شعبية بالملايين، هذه حقيقة، لم يعد منه شيء، وقناعاته لم تعد مؤكدة قطعيًا حتى في نفوس من لايزالون يظنون أنفسهم إصلاحيون بحكم الجغرافيا والمعاش، لم يعد للإصلاح أي حضور فعال سوى في منطقة جغرافية واحدة، منطقة يبدو فيها الحزب بأسوأ حالاته التاريخية.
حدث هذا، وسيحدث أكثر، لأن الجماعة الدينية بحركة الإخوان الإصلاحية لم تتحول أبدًا الى دولة ومؤسسات وأجهزة رسمية، لقد بقيت مجرد تنظيم تقوده المصلحة الشخصية وتسوقه الأهواء العاطفية لرجالات الجماعة ومموليها، بلا قوانين ثابتة، وبلا هوية وطنية، وبلا رؤى ديموقراطية، وبلا أعراف حزبية يسير على أساسها، لا شيء عدا عواطف المراهقين المسيرين بتوجيه العاطفة القاصرة، وصرخات القادة المنتصرين في كل مرة، هذه الأمثلة سارية في كل جماعات الدين السياسي بشتى توجهاتها المذهبية والمتقلبة بفعل عوامل الزمن والمعطيات، وهي بلا شك عكس فكرة الدولة ومؤسسات السلطة.
لهذا وأكثر، لا خيار أخر أمام تجمع الإصلاح سوى "الحل" وإعادة التشكل ومحاولة الظهور بوجوه جديدة ومصطلحات جديدة وفكر خالي كليًا من الأساسات الدينية المتحدثة بإسم الله. يستطيع الإصلاح حقًا إعادة إحتواء تركته السياسية المتروكة بلا حامل سياسي لـو أعاد التشكل بجدية، ولـو تحول فعلًا الى كيان له وجه أخر وشكل أخر، لكنه سيبنحدر حتميًا للنهاية الاخيرة والمصير الأسوء لـو أصر على قناعته الهشة بأنه مازال حزبًا مؤثرًا في الواقع السياسي للجمهورية اليمنية بشكل عام.
مطرًا سعيدًا أيها الليل والقمر.
فكل شيء بهذا الوطن يسير نحو الفناء!
وسيبقى الشعب وحده،
الشعب لا شريك له.
ماجد زايد
تعليقات
إرسال تعليق