"عن محمد رمضان"

 "عن محمد رمضان"

نُشر بتاريخ 20.إبريل. 2020


الأن عرفت جيدًا لماذا أصبح محمد رمضان نجمًا استثنائيًا في غضون فترة وجيزة! عرفت لماذا يحبه جمهور كبير من المصريين والعرب على حد سواء، هذا الشاب الداهية وبطريقته التمثيلة يجسد حقيقة الروح الإنسانية والشعورية للإنسان الداخلي في أصدق أشكالها وأنجح مكنوناتها، يملك قدرة عجيبة على تقمص الدور التجسيدي لإعماق الحكاية ذاتها. 



الفلاسفة تحدثوا كثيرًا عن هذا الأمر، علاقة الفن المسرحي بالإنسان وطبيعة حياته ويومياته، ومن خلاله شددوا على أهمية الدور الأبرز للتواصل بين المتلقي والممثل، وهو ما يجب على الممثل خلقه وتقمصه في أدواره وتقمصاته من خلال الإضهار الفعلي للروح الإنسانية الأخرى وقت تجسيدها على نحو طبيعي على خشبة المسرح في شكل فني مثير بغرض الكشف عن العالم الداخلي للإنسان، لذلك يجب الجمع بين العمل الجسدي والنشاط العقلي فهذا الأخير يتطلب أقصى حد من الهدوء العضلي بمعنى أن الممثل حينما ينجح في تركيز انتباهه على الدور المطلوب يختفي التوتر العضلي الزائد. 


إن الغرض هنا يتحقق عبر الكشف عن العالم السيكولوجي المعقد للممثل، فكلما تحكمنا في النشاط العصبي كلما استعد الجسم كله للدور التخيلي لأنه مرتبط بالإحساس وقوته الكاملة واستعداده للخروج من حالة السكون للقيام بأية مهمة عضلية، فسيطرة الممثل على جسمه أمر ضروري ومؤكد للانسجام مع عمله وهذه الأمور لا يمكن أن تنجح إلا بإتقان الممثل لفن التمثيل وتشكيل كلامه على نحو جيد وواضح لإيصال المعنى، فالإستشعار العميق للدور والرنة المؤثرة أمور مكملة للأداء وكلما توفرت كلما كان الممثل أكثر نجاحا في أدائه وطريقته مؤكدًا براعته على خشبة التمثيل. 


وبشكل عام، يقدم التمثيل والممثل الناجح انطباعات عامة عن الحياة والثقافة الخاصة المرتبطة بالهوية وشكل البيئة المحيط بالإنسان الموجود وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان في مختلف مراحله العمرية، لذلك يعتبر التمثيل فنًا مراقبًا للحياة بالمعنى الذي يفيد محاولة إعادة تشكيل التجارب السابقة ونسخها في قالب درامي يحاكي وقائع الحياة برمتها في مختلف نواحيها على اعتبار أن الحياة هي في الأساس ما يجعل الإنسان يستنبط الإبداع الدرامي الذي ينعكس على السلوك السيكولوجي للممثل نفسه. هذا ما يجب على الممثلين معرفته جيدًا قبل إعتلاء المنصات والشاشات والإستعراضات.


محمد رمضان جاء من حي شعبي فقير وقلب الطاولة على مخرجي الشكل الفني والدرامي والسينمائي والغنائي المصري، لم يكن من سلالة الأغنياء المدللين، ولم يظهر من شاشات مدن الإنتاج الكبيرة، جاء ببساطة من شاشة صغيرة وتطبيق صغير يدعى يوتيوب وإستحوذ على الجماهير والمتابعين بشكل صادم ومخيف، بل وتحدا الطاولة وغامر جدًا في ذلك.. هل تظنونهم سيتركونه؟! حاولوا فعلًا احتواءه في البدايات ليصبح خيطًا تحت طاولتهم يحركونه كيفما شاءوا،، لكنهم فشلوا، وفي كل مرة كان يقلب الطاولة عليهم مجددًا ولا يهتم، هذا إدراك مطلق يسكن قلوب القادمين من القاع، وحدهم لا يخافون السقوط ولا يخشون الوقوع فيه، لأن القاع منهم ووحدهم جاءوا منه ويعرفونه جيدًا..


أخيرًا،

محمد رمضان موهبة شابة محترمة، موهبة تستحق الصدارة مع مراعاة بعض الضوابط العامة في التعامل مع الأخرين، هذا الشاب الداهية وبطريقته التمثيلة يجسد حقيقة الروح الإنسانية والشعورية للإنسان الداخلي في أصدق أشكالها وأنجح مكنوناتها، يملك قدرة عجيبة على تقمص الدور التجسيدي لإعماق الحكاية ذاتها. حقًا أتمنى له الديمومة والتصدر...  



ماجد زايد

تعليقات